قراءة نقديّة للدكتور أحمد حسين صيّاح لكتاب: (الإصلاح والتجديد في فكر الأستاذ عدنان سعد الدين)

نشر بتاريخ: السبت، 05 كانون2/يناير 2019 كتب بواسطة: أحمد حسين صيّاح


الحمد لله وحده لا شريك له، وصلّى الله على نبيّنا محمد وسلّم تسليماً كثيرا.
إلى حضرة الأستاذ المفضال محمد علي شاهين، حفظه الله وأدام توفيقه ونفع به، ومتّعه بالصحّة والعافية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد فرغت آنفاً من قراءة كتابكم الموسوم ب(الإصلاح والتجديد في فكر الأستاذ عدنان سعد الدين) ط 1/2018م، فألفيته كتاباً نافعاً يمتاز بأمور أهمّها:
1 ـ طرافة الموضوع وجدته، فإنّي لم أقف ـ في حدود اطّلاعي ـ على كتاب أفرد لدراسة أوجه الإصلاح والتجديد في فكر الأستاذ عدنان سعد الدين رحمه الله، وهذا يكسب الكتاب فضل السبق، وقديماً قال الشاعر:

فلو قبل مبكاها بكيت صبابة     بسعدى شفيت النفس قبل التندّم
ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا     بكاها.. فقلت: الفضل للمتقدم
2 ـ نبيل المقصد ونزاهته، فإنّ الوفاء للأساتذة الكبار بإشاعة فضائلهم، واستنباط العبر والدروس من سيرهم، وتجلية فكرهم للناس حق واجب لهم، وهو خلق العلماء الربانيين، وسنّة سيّد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول: (ليس منّا من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره).
3 ـ شمول البحث وإحاطته، ويظهر ذلك جليّاً من خلال شمول البحث لكل نتاج الأستاذ عدنان سعد الدين، من مؤلّفات ومقالات وحوارات ولقاءات شخصيّة، إضافة إلى ما كتب عنه خاصّة في المرحلة التي أعقبت وفاته.
4 ـ جودة البيان ونصاعته، فقد امتاز الكاتب بأسلوب في الكتابة سهل، منسجم التراكيب، جيّد السبك، حسن الصياغة، يختار من الألفاظ أرشقها ومن المعاني أقربها، وقديماً قيل:
قد عرفناك باختيارك إذ     كان دليلاً على اللبيب اختياره
هذه بعض المميّزات التي وقفت عليها من خلال مطالعتي لهذا السفر القيّم، وأسأل الله العظيم أن يجعله ذخراً لكاتبه، وأن ينفع به المسلمين.
هذا وقد عنّ لي أثناء مطالعتي لهذا الكتاب بعض الملاحظات التي أذكرها على سبيل الإجمال من باب التنبيه، وأداء لواجب النصيحة، وهي في جملتها متعلقة بالمنهجيّة العلميّة في تناول المادّة ومعالجتها وعرضها.
فإنّ الغالب على الكتاب تناوله لموضوعات متنوّعة متعلّقة بالأستاذ عدنان سعد الدين، منها ما يتعلّق بسيرته، ومنها ما يتعلّق بصلته بأعلام عصره، ومنها ما يتعلّق بفكره ونتاجه، ومنها ما يتعلّق بآراء الناس فيه، وقد تمّ عرض هذا كلّه على شكل مقالات منفصلة بعضها عن بعض، وهذا في نظري يتنافى مع المنهجيّة العلميّة في تناول المادّة ومعالجتها وعرضها وأفصّل في ذلك فأقول:
1 ـ تناول المادّة العلميّة يقتضي من الباحث جمعها من مظانّها على سبيل الاستيعاب الميسّر، وذلك يكون بالاطّلاع على كلّ ما كتب عن الأستاذ عدنان سعد الدين موضوع الدراسة، وعدم الاقتصار على مؤلّفاته ومقالاته وحواراته، وما كتب عنه عند وفاته، وهذا يتطلّب لزاماً توسيع مادّة البحث وبالتالي تنويع المراجع التي يستفيد منها الباحث.
 2 ـ تناول المادّة العلميّة يقتضي نسبة الأقوال والنقول إلى أصحابها بدقّة متناهية، وذلك بإسناد كلّ قول أو نقل إلى مرجعه في موطن إيراده، ليسهل على القارئ الرجوع إليه إذا أراد ذلك.
وفي حال كون المرجع لقاءاً شخصيّاً فيذكر تاريخ هذا اللقاء ومكانه ومن حضر بدقّة، ليكون بذلك وثيقة علميّة يعتدّ بها ويعتمد عليها.
3 ـ من البديهيّات في البحث العلمي أن توثيق المراجع يكون بإيراد اسم المرجع واسم مؤلّفه ورقم الطبعة وتاريخ الطبع واسم دار النشر ورقم الجزء والصفحة، وهذا يزيد من مصداقيّة البحث.
4 ـ المنهجيّة العلميّة في معالجة المادّة العلميّة تقتضي وجود تطابق بين عنوان الكتاب ومضمونه، بحيث لو سأل سائل فقال: (ما هي جوانب الإصلاح والتجديد في فكر الأستاذ عدنان سعد الدين؟!) لوجد الجواب واضحاً جليّاً على شكل عناوين ونقاط رئيسيّة ضمن الكناب.
والواجب المهمّ استنباط أوجه الإصلاح والتجديد ـ وهي عديدة بلا شك ـ من خلال استقراء نتاج الأستاذ (عدنان سعد الدين) والاستدلال عليها وبسط القول فيها من خلال مؤلّفاته ومقالاته وحواراته.
5 ـ المنهجيّة العلميّة في عرض المادّة تقتضي تقسيمها بحسب أصول البحث العلمي كالآتي:
1 ـ العنوان، 2 ـ المقدّمة، 3 ـ التمهيد، 4 ـ صلب الموضوع: ويقسّم إلى فصول، ومباحث، ومطالب. 5 ـ الخاتمة، 6 ـ الفهارس.
ومراعاة هذه الأصول الشكليّة ويضبط البحث ويعرض مادّة البحث للقارئ بطريقة متسلسلة منطقيّة، ويبعده عن الفوضى والتكرار.
(ثم يقترح الناقد مشكوراً خطّة مفصّلة للبحث وفق المنهجيّة العلميّة السابقة تبتدئ بالعنوان وتنتهي بالخاتمة والفهارس تستحق النظر بإمعان).
ويتابع الناقد رسالته فيقول: فهذه بعض الملاحظات والأفكار والاقتراحات التي قد تفيد الباحث الكريم في ترقية كتابه في مدارج الكمال، وهي بالطبع لا تقلّل من قيمة ما بذل فيه من جهد مشكور، أسأل الله أن يبارك فيه، فإن أصبت فيها فبفضل من الله وحده، وإن جانبت الصواب فهو المعهود من عجزي وتقصيري، ويكفيني شرف المحاولة.
وختاماً أتقدم إلى حضرة الكاتب الفاضل بكل التقدير والاحترام، وأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المتناصحين فيه، المتواصين بالحق والصبر، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من المتحابين فيه سبحانه.... ورحم الله أبا تمّام إذ يقول:
إن يختلف ماء الوصال فماؤنا     عذب تحدّر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلّف بيننا     أدب أقمناه مقام الوالد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتبه: أحمد حسين صيّاح
22 ذي الحجّة 1439 الموافق 2 ايلول 2018.
المؤلّف: أشكر الأخ الناقد على رسالته المتميّزة بدقتها وموضوعيّتها، وأعده بالاحتفاظ بها،  وخاصّة (الخطّة المفصّلة) لإثراء طبعات الكتاب القادمة إن شاء الله.
وما أظنّ القارئ العجلان يحتمل قراءة أكثر من 372 صفحة، في زمن محنة الكتاب وكساد سوقه، والحمد لله ربّ العالمين.                                     محمد علي شاهين

الزيارات: 1153