(نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء القرن الخامس عشر)

نشر بتاريخ: الإثنين، 04 آذار/مارس 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

المؤلّف: الدكتور يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي
عن دار المعرفة ببيروت، صدرت الطبعة الأولى للكتاب القيّم في التراجم (نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء القرن الخامس عشر) لمؤلّفه الفقيه المحقّق محمد يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، نسبة إلى مدينة مرعش الواقعة إلى الجنوب الغربي من تركيّا، قدم جدّه الأعلى بيروت في العهد العثماني، وعيّن قاضياً بالمحكمة الشرعيّة ببيروت، ولد المؤلّف في بيروت عام 1372/1953، نشأ في أسرة معروفة بالصلاح والتقوى وحمل العلم الشرعي، وكان أبوه حافظاً للقرآن، يتلوه بصوت عذب، نال الثانويّة في عام 1389/1962، وتخرّج بكليّة الآداب بالجامعة اللبنانيّة

في عام 1393/1973، وحصل على درجة الماجستير في اللغة العربيّة في عام 1397/1977، وموضوعها (العمدة في غريب القرآن لمكي بن طالب القيرواني)، ثم نال درجة الدكتوراه اختصاص من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1404/1984، وموضوعها تحقيق كتاب (المكتفي في الوقف والابتداء للإمام عمر بن عثمان الداني)، ثم نال الدكتوراه آداب منها أيضاً عام 1410/1990، وموضوعها (علم غريب القرآن).
اشتغل بالتحقيق والتدريس في المعهد العالي للدراسات الإسلاميّة ببيروت لمادتي التفسير والتجويد بين عامي (1407 ـ 1408)، ثمّ عمل باحثاً بمركز خدمة السنّة والسيرة النبويّة بالمدينة المنوّرة بين عامي (1409 ـ 1419)، ثمّ عاد إلى بيروت، وقام بتدريس الحديث والفقه الشافعي، وإعداد البحوث في كليّة الشريعة بجامعة بيروت الإسلاميّة في عام 1419/1998.
ذكر شيوخه في القراءة، فروى أنّ 160 شيخاً ممن أدركهم أجازوه إجازة خاصّة،  ونحو 20 شيخاً أجازوه اجازة عامّة، ممن أجازوا أهل عصرهم وأدركهم، وذكر أسماء من أجازه إجازة خاصّة مرتّبة على حروف المعجم، ثم ذكر من أجازه إجازة عامّة.
امتاز المؤلّف بسعة اطّلاعه، وإحاطته بموضوعه، وغزارة علمه وإنتاجه، حيث جاءت موسوعته هذه في 2199 صفحة، من القطع العادي في مجلّدين مذهّبين أنيقين، وله تحقيقات وتأليفات بلغت 52 كتاباً، كتب في الدراسات القرآنيّة 11 كتاباً، وفي الدراسات الحديثيّة 12 كتاباً، وفي سلسلة الفهارس 21 كتاباً، وفي التاريخ كتاباً واحداً، وفي الأسانيد 6 كتب.
قدّم المؤلّف لكتابه بالحديث عن العلم والعلماء، ثم تحدّث عن القرن الرابع عشر الهجري، والتأليف في التراجم، وشرح منهج الكتاب، ومصادره، وسرد تراجم كتابه مرتبة على حروف المعجم، فبدأ بآزار (أبو الكلام) وانتهى بيوسف، فأحسن وأجاد، وكان يذكر مصادره ومراجعه في الحاشية أسفل كل صفحة، دليلاً على أمانته العلميّة .
استخدم المؤلّف تقسيماً زمنيّاً قائما على القرون، استخدمه علماء التراجم في مؤلّفاتهم، وهذا التقسيم انبثق من فكرة توثيق تراجم الرسول (ص) وصحابته والتابعين وتابعي التابعين يؤيد ذلك حديث أورده البخاري "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".
وشحن ذاكرتنا في مقدمة طويلة بالحديث عن التحديات التي واجهها الإسلام خلال القرون الماضية، وكيف خرج من معاركه ظافراً، وذكر بأنّ القرن الرابع عشر الهحري تعرّض لإعتى وأعنف هجوم شرس منظّم خلال تاريخه الطويل، لتعطيل دوره في الأرض، ووضعه على هامش الحياة، وإبعاده عن الساحة العالميّة، تنفيذاً لمخطّطات صليبيّة يهوديّة مشتركة بإقامة إسرائيل، والسيطرة على العالم، وشهد هذا القرن حربين عالميّتين، ثمّ على أثرهما إزالة دولة الخلافة الإسلاميّة من الوجود، وإعلان دول للشيوعيّة والإلحاد في روسيا والصين، وتفكيك دول العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة متصارعة، والسيطرة عليها، وإقامة دولة إسرائيل في قلب العالم الإسلامي.
أدرك المؤلّف في مقدمته القيّمة أنّ القوى العالميّة والصليبيّة والشيوعيّة تآمرت على العالم الإسلامي، فاجتاحته بحملات منظّمة مدروسة لاستئصال شأفة الإسلام، والقضاء عليه نهائيّاً بضربات متتالية على جميع الصعد السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والدينيّة.
الضربة الأولى: إزالة دولة الخلافة. الثانية:ّ اقتسام العالم الإسلامي. الثالثة: إقامة دولة لليهود في فلسطين. رابعاً: وضع مخطّطات تضمن عدم عودة الخلافة من جديد.
ويتحدث المؤلّف عن منهجه في اختيار المترجم لهم في موسوعته فيقول: لقد نزّهت كتابي عن ذكر كل معارض لعودة الخلافة، أو متردّد في عودتها، واقتصرت على تراجم العلماء المخلصين الصادقين من أهل الإسلام، الذين لم ينتسبوا إلاّ إليه، ولم يوالوا أحداً إلاّ الله ورسوله وصالح المؤمنين، ولم يخونوا دينهم وشعوبهم، وإذا ذكرت أحداً من العملاء فقد بيّنته لكي يعرفه الناس، ولا ينخدعوا به، ويعرفوا حقيقته.
ولا يفوت المؤلّف في هذه المقدمة الضافية، الحديث عن التأليف في التراجم عند المسلمين، ووصفه بأنّه من أغزر تآليفهم، ولم يؤثر عن أمّة من الأمم حفظها لسير وتراجم علمائها على مرّ العصور كما أثر عن المسلمين، فقد حفظت لنا كتب التراجم زهاء سبعمائة ألف ترجمة.
ويأتي كتاب شيخنا الموسوعي المرعشلي إضافة نوعيّة لمن سبقه من العلماء أمثال: نجم الدين الغزّي صاحب (الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة) 1061هـ.
ومحمد أمين بن فضل الله المحبي صاحب ( خلاصة الأثر في أعيان الحادي عشر) 1111هـ.
ومحمد خليل بن علي المرادي في (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) 1206هـ.
ومحمود شكري الآلوسي في (المسك الأذفر في تراجم علماء القرن الثالث عشر) 1342.
أضافت هذه الموسوعة القيّمة إلى ما سبقها من موسوعات كبار علماء التراجم قيمة علميّة يجب الاحتفاء بها، وتكريم مؤلّفها، ووضعها في مكانها المناسب بالمكتبة الإسلاميّة. 
أعاد الدكتور المرعشلي إلى الأذهان بموسوعته الرائعة ما كان عليه علماؤنا الكبار من صبر وأناة، وحكمة، وحفظ للأجيال سيرة آلاف العلماء العاملين في القرن الرابع عشر الهجري، ومطلع القرن الخامس عشر الهجري، وما قدّموه من إنتاج علمي، وإنّه لجهد مبرور، لا يقدّر بثمن، نرجو الله تعالى أن يجزل لصاحبها الأجر، ويمنحه العزيمة على ما قدّم.
والحمد لله ربّ العالمين.
*    *    *    *    *

الزيارات: 1453