ألم ترتق كل هذه الجرائم إلى مستوى جرائم الحرب!!

نشر بتاريخ: السبت، 04 حزيران/يونيو 2016 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

كل الجرائم التي ارتكبت في فترة الثمانينات لم ترتق إلى مستوى جرائم الحرب لدى النظام العالمي، لكنّها بقيت مسطورة في ضمائر السوريين الأحرار الذين أعلنوها ثورة كرامة على كل أشكال الظلم والقمع. 
ارتكبت مجزرة حماه الأولى وقتل المئات واعتقل الآلاف من الأبرياء، وجرت تصفيات تشيب لهولها الولدان، أمام سمع العالم وبصره، ومع هذا فقد أدار العالم ظهره للسوريين، وكان الشياطين الخرس يستقبلون القاتل ويفرشون له البساط الأحمر، ويفتحون له خزائن المال والسلاح، مما شجعه على ارتكاب مجزرة ثانية في حماه، وصفت بأنّها أكبر مجزرة في العصر الحديث، على يد قوّاته وسراياه ووحداته وعناصر أجهزته، وطابوره الأمني، حيث دمر القتلة نصف مدينة حماة، وقتلوا أكثر من 30 ألف مواطن يقولون ربّنا الله.
وارتكبت (قوات سرايا الدفاع) مجزرة في سجن تدمر الصحراوي، أحيطت بالكتمان الشديد، قتل فيها أكثر من 1200 سجين سياسي من النخبة السوريّة، داخل زنازين السجن، لكن اعترافات المتهمين بمؤامرة اغتيال رئيس الوزراء الأردني مضر بدران، كشفت عن مشاركتهم بالمجزرة، ومع هذا فلم ترتق هذه الجريمة المروّعة، إلى مستوى جريمة حرب، وترك القاتل حراً طليقاً يجوب العواصم.
كل المجازر التي ارتكبت في سرمدا وجسر الشغور وسوق الأحد ومقبرة هنانو، وغيرها من المجازر، صمت العالم عنها.
وادّخر الشرير الأثم لابنه، وتنكّر الوريث لوعوده، وبعد أن استنفذت كل وسائل الإصلاح، واجه الاحتجاجات السلميّة بالسلاح، حتى ظنّ أهالي درعا أنّ مجزرة حماه ستتكرّر في مدينتهم.
واكتفت منظمة (هيومان رايتس ووتش) المعنية بحقوق الإنسان بالتنديد باستخدام السلطات السورية للقوة المفرطة الذي ادى الى مقتل عدد من المتظاهرين في المدينة.


وجاء في بيان صادر عن المنظمة، ومقرها مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، أن "على سورية التوقف عن استخدام الرصاص الحي والأشكال الأخرى من القوة المفرطة ضد المتظاهرين".
ونقل البيان عن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، (سارة ليا وايتسون)، قولها: "لم تظهر الحكومة السورية أي إحساس بوخز الضمير حيال قتل مواطنيها بسبب مجاهرتهم بآرائهم".
وأضافت: "لقد أظهر السوريون شجاعة لا تُصدَّق عبر التجرّؤ على التظاهر علنا ضد واحدة من أكثر الحكومات قمعا في المنطقة، وما كان يتعيَّن عليهم أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لذلك".
وهبّت مظاهرات جديدة فور سماع الناس أنباء مجزرة الجامع العمري، تأييداً لانتفاضة درعا، قتل فيها أكثر من مئة شخص على أيدي رجال الأمن، وكان معظم الضحايا ينقلون إلى  ثلاجة خضار في المدينة ريثما يتم دفنهم.
وانتشرت النار في الهشيم السوري، بعد صمت طويل، فكانت ثورة 15 آذار 2011، انطلاقة لثورة شعبيّة لا تزال متواصلة، طوّر فيها النظام أسلحته القمعيّة، فبات يستخدم فيها كافّة صنوف الأسلحة بما فيها الأسلحة المحرّمة دوليّا الكيميائيّة والفراغيّة والصواريخ البالستيّة، وكانت الطائرات السوريّة على مدى السنوات الخمس الماضية تستهدف المدنيين بالبراميل المتفجّرة، ولا تتورّع عن استهداف الأفران والمدارس، تحت دعوى محاربة الإرهاب.
وكان مجلس الأمن عاجزاً عن اتخاذ قرار فعّال لوقف الجرائم اليوميّة، وحماية المدنيين، والأخذ على يد الظالم، بسبب الفيتو الروسي المنحاز، واكتفت المنظّمة الدوليّة بالمساواة بين الضحيّة والجلاّد، ومناشدة الأطراف بوضع حد للقتال.  
وتحالف النظام مع إيران، شريكته في جريمة قتل السوريين، وتلقى منها الدعم المادي والمعنوي، وتقاطرت عصابات الإجرام من لبنان والعراق وشيعة أفغانستان إلى سوريّة تحت دعوى حماية المراقد المقدّسة، بينما الأمم المتحدة تراقب مجريات الأحداث ببلاهة.  
وجرت عمليات منظّمة لتهجير السوريين إلى مخيّمات النازحين، أفرغت خلالها مدن وقرى بكاملها، اكتفت المنظّمات الدوليّة بتقديم الخيام والقليل من الطعام والدواء، ومع هذا فقد منع النظام وصولها إلى المحاصرين والجوعى والمرضى.
لقد تبلّد ضمير العالم منذ السنة الأولى للثورة، فلم تعد صورة الرجل المقطوع الرأس عند دوّار البحرة بحماه، ولا قصف الزوارق البحريّة مدينة اللاذقيّة، ولا صورة الجثث التي لم يتعرف على أصحابها بسبب التمثيل الفظيع بها، ولا صور منشورة لجثث مقطعة لنصفين وأكثر، أجهز الجيش والشبيحة فيها على الجرحى في كفر عويد بمحافظة إدلب، من بينهم إمام مسجد البلدة، الذي مثّل بجثته.  
ألم تعلن حمص مدينة منكوبة إنسانياً وإغاثياً، فلماذا لم تطبق التشريعات الدولية الخاصة بتقديم العون الطبي والإغاثي، ولم تتحرّك المنظمات على المستوى الدولي لوقف المجزرة التي ينفذها النظام في وضح النهار، وأين حقوق عمال قتلوا في سيارة توزيع طحين دخلوا حي الزهراء يوم المجزرة؟
ألم يعمد النظام منذ السنة الأولى للثورة إلى إحراق أنابيب النفط في حي بابا عمرو ليلصق التهمة بما يسميه "العصابات المسلحة" في محاولة من جانبه لسحق المنتفضين السلميين بحجة الحرب على الإرهاب.
وقبل أن تدمّر حمص اكتفت واشنطن بإبداء قلقها العميق من الأنباء التي تتحدث عن استعداد السلطات السورية لاقتحام المدينة ما قد يؤدى إلى حدوث مجزرة بحق السكان.
وحمّلت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند الرئيس السورى بشار الأسد مسؤولية ما قد يجرى في حمص، وتعلمون ما جرى في حمص بعد هذا التصريح وأمثاله، فماذا فعلت أمريكا.
ألم تصف الحكومة الفرنسيّة مجزرة الثلاثاء الأسود في نهاية عام 2011، بأنّها "مجزرة على نطاق غير مسبوق" وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: ان "مجزرة على نطاق غير مسبوق ارتكبت في سوريا الثلاثاء، و"يجب القيام بكل شيء لوقف دوامة القتل هذه التي يدفع (الرئيس السوري) بشار الاسد شعبه فيها يوميا".
ألم يؤكّد المحامون بفريق المحققين الدوليين أن التقرير، الذي يستند إلى آلاف الصور لعدد من جثث القتلى، الذين يُعتقد أنهم سقطوا داخل سجون تابعة للحكومة السورية، والذي نشرته "الغارديان" البريطانيّة، سوف يتم تقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ألم تظهر الصور الواردة في التقرير جثث القتلى وقد تعرضوا لعمليات تجويع متعمدة، كما تبدو عليها أثار تعرضهم للضرب بقسوة، وأثار الخنق، وأنواع أخرى من التعذيب والقتل.
وما قولكم دام فضلكم بتقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان الأخير، بأن نحو 60 ألف معتقل ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، لاسيما سجن حماة.
ألم يكن باستطاعة العالم وضع حدّ لمأساة السوريين ومنع النظام من مواصلة جرائمه الوحشيّة؟
ألم يحن الوقت لعرض القضيّة السوريّة أمام المحاكم الدوليّة، وجلب المجرمين إلى قفص الاتهام لمحاكمتهم، أم أن هذه الجريمة المتواصلة تنقصها الأدلّة والشهود  ؟
لقد بات من المضحك حقاً أن يصرّح المتحدثون على منابر مؤتمراتهم بعد وقوع كل جريمة بحق السوريين، أنّها ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب.
وطوبى للغرباء                                                                  رئيس التحرير
1/6/2016                                                                   محمد علي شاهين       

الزيارات: 1636